طباعة هذه الصفحة

ماذا بعد الغزل القطري والحفاوة الأردنية؟

08 أيلول/سبتمبر 2019

برلين _راي اليوم _فرح مرقة/النهر نيوز

لم تغطِّ قناة الجزيرة القطرية إضراب المعلمين في الأردن يوم الخميس”، ملاحظةٌ من الواضح انها لم تغب عن الأردنيين المترقبين لنتيجة التقارب الأردني القطري بعد تبادل السفيرين وزيادة الانباء عن زيارة أميرية قطرية يقوم فيها الشيخ تميم بن حمد للعاصمة الأردنية عمان، بدعوة من ملكها عبد الله الثاني بن الحسين.

مظاهر التقارب لم ولن تتوقف عند تغطيات الجزيرة للشأن الداخلي، وفق المراقبين لملف العلاقات الثنائية، فمن الواضح أن قطر قررت بكل الطرق الاحتفاء بالأردن وتقديم نفسها كشريك وحليف، فأطلقت اغنية للأردن اهتم بإهدائها شقيق الشيخ تميم للأردنيين، تذكر بأن الأردن هو “سور القدس” وتتغزل بعمان وكرم الأردنيين ومليكهم.

كل هذا، بعد تبادل السفيرين وليس من السهل تجاهل انما قبل ذلك حاولت فيه أيضا الدوحة الإبقاء على أكثر من شعرة معاوية، وتفاعلت معها عمان بكل المستويات منذ ما قبل الازمة الاقتصادية واحتجاجات العام الماضي (2018)، إذ لا يزال يقبع في الاذهان الغزارة في المسؤولين الذين حضروا أنشطة السفارة القطرية في ذلك العام رغم عدم وجود سفير.

عمان بالمعنى المذكور، أرسلت اعتذاراتها على المجاملة الرمزية التي قامت بها بتخفيض التمثيل الدبلوماسي مع قطر عام 2017 حين بدأت الازمة الخليجية لارضاء الرياض وأبو ظبي اللتان ضغطتا بكل ثقلهما آنذاك.

لاحقا، فالحفاوة التي استقبل بها القطريون مع افتتاح مقر الطيران القطري الأسبوع الماضي، بالإضافة الى ما تبعه من حفاوة أيضا على مستوى الاسرة الهاشمية وتحديدا الأمير علي بن الحسين الأخ غير الشقيق للملك عبد الله، في إطار اطلاق الشعار القطري لمونديال 2022، كلها تدلل على قرار مرجعي للعاصمة الأردنية بأن تعود العلاقات اقوى مما كانت عليه.

وهنا تستذكر “رأي اليوم” سلسلة تصريحات استمعت اليها قبل عام من مسؤولين حكوميين منهم وزيرة الاعلام والاتصال جمانة غنيمات عن كون عمان تتعامل مع الدوحة دون الكثير من الأضواء مراعاة للشقيقة الكبرى. بهذا المعنى، يبدو ان عمان اليوم لم يبقَ لديها الكثير من الأسباب للمراعاة مع الرياض، أو- وهو خيار يبدو ابعد عن الواقع- فقد ليّنت الرياض وأبو ظبي لغتهما مع حلفائهما تجاه التعامل مع قطر.

يرجح الاحتمال الأول، مع التدقيق على تقييم يشدد على زيادة فرص التباعد والخلاف مع الجارة الجنوبية في السعودية، وهو ما ترى عمان انه حاصل أصلا، بينما يتحدث مسؤولون اردنيون على ان الرياض باتت تشدد من قواعدها واحيانا تتشدد عمدا مع أردنيين يعملون في السعودية تزامنا مع الضغوط التي تحاولها مع عمان في سياق الوصاية على القدس.

معركة الوصاية على المقدسات في القدس باتت معركة شبه علنية بين الطرفين في الآونة الأخيرة الامر الذي يجعل العاصمة الأردنية اكثر وضوحا وهي تختار التقارب مع الدوحة، بينما يشدد مصدر شديد الاطلاع على انه الأردن له في التقارب مع قطر “مآرب أخرى” وان الأخيرة أظهرت حسن نواياها في عدة مفاصل.

عمان إذن، وكأنها تقول ان الأسوأ حصل أصلا في العلاقة مع الرياض طوال السنوات الماضية، وتحاول في المقابل ان تستعيد جزءا من وجودها على الساحة السياسية بعيدا عن الرياض ومغامراتها في اليمن ومعاداتها لتركيا، حيث تنظر عمان اليوم الى العلاقات مع محور قطر- تركيا باستراتيجية أكثر وتحديدا مع الأخيرة، الامر الذي أصر الملك توصيفها بالعلاقات الاستراتيجية وان العلاقات مع بقية الدول ستتشكل وفقا لها.

الأردن يقول بكل اللغات ان الرياض اليوم لا تشبه رياض الامس التي كانت تبحث عن “نادٍ للملكيات” يضمن استقرار المنطقة وترى في استقرار عمان استقرارها، وبالتالي لم يعد يتحرج من اخذ التقارب مع قطر لمستوً أكبر من العلاقات الدبلوماسية والسياسية، فقد حظي وقبل أيام رئيس أركان القوات القطرية الفريق الركن غانم بن شاهين الغانم والوفد المرافق باستقبال عسكري رسمي مهيب.

ووصل الغانم الى الأردن في حينه لحضور ندوة كبار القادة التي تعقد ضمن فعالية تمرين الأسد المتأهب 2019 وزيارة القوات القطرية المشاركة في التمرين، الا ان حفاوة استقباله اكدت ان عمان أيضا تتصل مع قطر في المجال العسكري والدفاعي، وقد زار عمليا وزير الدفاع القطري الأردن غير مرة.

بكل الأحوال، المؤشرات كثيرة، والشارعان يترقبان تتويج العلاقات بالزيارة الاميرية التي لم يعلن عن موعدها بعد، ولكن الأهم ان المستوى السياسي في الأردن على الأقل يرصد بحرص وبصبر اقل ما يصدر عن الشقيقة الكبرى في الرياض، باعتباره طلائع لمعركة صفقة القرن المفترض الإعلان عنها خلال الأسابيع القليلة المقبلة.