69

 الامان

 

136397 Corporate banner sizes Artboard 21 970.00x250.00px

00000000000000066

 

هذا ما استوجب التنبيه والتحذير أيضًا

12 أيلول/سبتمبر 2019

أرجو ألا تأخذنا القراءات العاجلة الى استنتاجات متسرعة أو قرارات خاطئة، فأسوأ ما يمكن ان نفعله هو استدعاء مبررات «الاستعداء» والصدام والحذف بدل البحث عن إمكانيات اللقاء وموجبات التوافق وسيناريوهات الحل.
التحذير هنا واجب لكل الذين يفكرون «بإشعال» الحرائق السياسية في بلدنا، سواء من جهة من «يتبنون» خطاب «العزل» السياسي لكل من يعارضهم أو من جهة بعض القوى المهنية او السياسية التي تحاول أن ترد الصاع صاعين باستخدام «لهجة» استفزازية وخطاب تصعيدي، وكأننا في ساحة «نزال» يبحث فيها كل طرف عن انتصار يسجله باسمه.
لا أخفي أنني رصدت على مدى الأيام الماضية مثل هذه المحاولات لإيجاد حالة من «الصدام» داخل المجتمع، بعضها اعتمد على منطق اخراج نقابة المعلمين « والمتعاطفين معها ايضا « من اللعبة ودفعهم الى الجدار، بحجة ان خيار المواجهة مع «مجلس النقابة» ( الحل : ان شئت) اصبح خيارا مطروحا على الطاولة، ووفق هذا السيناريو بدأ ضد هؤلاء بتهمة انهم رفضوا ما قدم اليهم من عروض لحل الازمة، وسواء اتفقنا مع مروجي هذه التهم أم لا من ناحية صحتها ودقتها، فقد كان من المفترض ان نفتح معهم النقاش قبل ان نبادرهم بالهجوم وفرض القطيعة، وحتى لو استعصت الحلول بين الطرفين فان الحوار يبقى المخرج الوحيد للازمة.
على الطرف الآخر، وقع البعض في نقابة المعلمين بهذا «الفخ» فسمعنا كلاما من بعضهم لا ينمّ عن «حكمة» سواء على صعيد الاصرار على ابقاء الاضراب مفتوحا او باتخاذ اجراءات اخرى اكثر قسوة، ومع ان هذا الخطاب لا يمثل - كما اعتقد - وجهة نظر المعلمين الذين نعتز بهم إلاّ انه يعكس «نفسا» استفزازيا ويعبر عن رغبة في «الصدام» وهذا ما لا يقبله احد.
من واجبنا ان نذكر هنا بعدد من الملاحظات، أولاها ان الذهاب الى سيناريو «حل» النقابة بعيدا عن «الاستجابة» لمطالب المعلمين الاساسية، سيكون محكوما عليه بالفشل، وسيترتب عليه ازمات اخرى لا مصلحة لنا في «استيلادها»، ليس لأن النقابة تمتلك ادوات ضغط يمكنها من الاستمرارفيها والتأثير على الحكومة والمجتمع ايضا، بل لأن هناك مناخات شعبية تعاني من الاحتقان وما زالت قلقة ومضطربة وباتجاه الاقتناع والثقة بما وصلها من رسائل، وبالتالي فإن المطلوب هو البحث عن خيار «الحوار» بدل خيار فرض «الحل» او الاقصاء على اي طرف.
الملاحظة الثانية هي اننا امام استحقاقات سياسية ومطالبية متراكمة تحتاج الى توافقات وطنية وجبهة داخلية متماسكة، ولهذا يفترض ان لا نتعامل معها بمنطق «المواربة» ناهيك عن منطق «المفاصلة» والتحدي والمكاسرة، فبلدنا لا يحتمل مثل تلك المعادلات الخطرة، والمرحلة التي تمر بها المنطقة يفترض ان تقدم لنا دروسا في طبيعة الصراعات وخطورة مآلاتها، كما ان الحفاظ على أمن الدولة ومصالحها العليا يجب ان يكون «مشتركا» للجميع وخطا أحمر لا يجوز العبث به لا من طرف الحكومات ولا النقابات، ولا من غيرها ايضا .
آخر هذه الملاحظات هي ان قراءة «الازمة» بين الحكومة والمعلمين وفق تصورات تقوم على اقتناص فرصة «تبادل» اللكمات وتسجيل الانتصارات وتقاذف الاتهامات والشماتات ( وهي قراءة مفضلة لدى البعض ) تبدو - في تقديري - قراءة مغشوشة ومسمومة، صحيح ان لكل طرف رهاناته وحساباته، لكن الصحيح ايضا ان العبث بهذه القضية التي تمس شريحة كبيرة من مجتمعنا ( الطلبة تحديدا ) ايا كان شكله، او تجييره وتوظيفه خارج اصول المصلحة العامة سيكون خطيرا على الجميع.