V4 A 01

69

 الامان

 

WhatsApp Image 2024 01 17 at 13.11.12 1444baed

00000000000000066

 

الرزاز والكباريتي بين خطابين

27 آب/أغسطس 2019
 
نريد بصيص امل، هذا باختصار اهم ما يجب ان نفكر به للخروج من هذه الحالة « السوداوية» التي صبغت مناخاتنا العامة، صحيح لدينا ازمة عميقة اشغلتنا وتغلغلت في كل مجالاتنا، لكن لا يجوز ان نظل اسرى لهذا الواقع الذي صنعناه بانفسنا، ولا ان نصر على البقاء في مربع الاحباط ومنطق « وانا مالي..»، لا بد ان نفعل المستحيل للخروج من هذه المحنة، واعتقد اننا قادرون على ذلك بشرط ان نحتكم للعقل والمصلحة العامة ونترك خلف ظهورنا كل هذه الصراعات المشبوهة على المصالح الشخصية، وكل هذا الخصومات المغشوشة التي حولتنا الى قبائل متناحرة.
اكتب على هامش كلمتين استمعت اليهما مؤخرا، احداهما لرئيس غرفة تجارة الاردن، نائل الكباريتي، والاخرى لرئيس الوزراء، عمر الرزاز، لا اريد بالطبع ان اعلق على مضامين ما قيل، اشير فقط الى ان المناخات العامة ( السياسية والاقتصادية ) التي خرج منهما الخطابان : خطاب المصارحة المحملة بالخوف والاحباط، وخطاب الرد المزدحم بالدعوة الى الامل والعمل، هذه المناخات تعكس انقسام المجتمع الى تيارين او اكثر تجاه المرحلة التي يمر بها بلدنا، ولكل منهما وجاهته واعتباره. 
اتساءل على الهامش فقط : هل قدر «بلدنا» ان يظل واقفا على قدم واحدة ومشغولا بادارة الازمات والسجالات، وان يبقى متعبا دائما من دون ان يجد أي فرصة للاسترخاء؟ هل بوسعنا ان نفهم لماذا يحدث ذلك ومن يقف وراءه، وهل صحيح ان حالتنا هذه تعبر عن «عافية» سياسية واجتماعية، وعن «غنى» منتج ومفيد أم انها عكس ذلك تماما؟
على امتداد السنة الماضية (دعك من السنوات الماضية) انشغلنا بالكثير من القضايا، واشتعلت نيران سجالاتنا وازدحمت «ملاعبنا» - على اختلافها - بالاسئلة والردود، بالافتراضات والاتهامات، وفي موازاة ذلك كانت «شوارعنا» - على اختلافها ايضا - تواجه سؤال الفقر وتبعاتة وسؤال الاصلاح والعدالة دون ان تجد أي ردود حاسمة.. ومن أسف اننا استغرقنا في هذا المشهد، واستمرأنا الخوض فيه، وفيما كنا ندرك تماما ان النتيجة لا تسعد أحدا منا، تمادينا كثيرا في «العبث» وابتهج بعضنا بانتصاراته، وخسرنا أشياء عزيزة علينا، وكان يفترض ان ننتبه - ولو للحظة - لنسأل أنفسنا: ماذا فعلنا، ولماذا نصر في الاستمرار على الطريق ذاته؟ ومن هو المستفيد مما يجري، ومن يجرؤ على معاكسة «التيار» والدعوة الى وقف هذا المنطق العجيب الذي نتعامل فيه مع بلدنا، ومع مجتمعنا.. ومع انفسنا ايضا.
لا اريد ان اعلق على قضايا محددة اشغلتنا هذه الايام، ولا على «اخطاء» ارتكبناها سواء في دائرة السياسة او الاقتصاد او الاعلام او الرياضة، لكن يكفي ان اتساءل - بدافع فشة الخلق فقط - لماذا ضاقت صدورنا الى هذه الدرجة، ولماذا نتعامل مع بعضنا بمنطق المغالبة لا منطق الفهم والاعذار، بمنطق صب الزيت على النار لا بمنطق الاستيعاب، بمنطق الراصد المرعوب لا بمنطق احترام الاختلاف ؟؟
بصراحة، لقد تعب بلدنا كثيرا، لقد تعب بلدنا كثيرا من جولات السجال الفارغ، ومن صولات «الفاعلين» وغير الفاعلين، ومن تراشق الاتهامات والتصريحات، ومن دوامة «الانشغال «في أوهام القضايا، ومن الشد والجذب الذي لم ينتج انجازا ولم يحقق مصلحة، ولم يدرأ مفسدة، ومن صدام بعض «النخب» وتقاسم الادوار واعتلال بعض منابر «التدين» والتسييس، تعب بلدنا من افتعال الازمات والمبالغة في الاخطار ومن خطب «الوعد والوعيد» ومن المصائد والمكائد التي أصبحت ملقاة في اكثر من مكان.
بصراحة أكثر، من حقنا ان نطالب «بهدنة» تريحنا من هذا الاسترسال في الكلام، أو «باستراحة» محارب تعيد الى اجسادنا بعض قوتها، أو بشهور «استرخاء» تجعل بلدنا قادرا
 
على التفكير وجاهزا للحوار ومستعدا لمواصلة المشوار
 
حسين الرواشدة