69

 الامان

 

WhatsApp Image 2024 04 03 at 18.04.51 cc79842f

00000000000000066

 

هذه «الحيتان» أخطر يا دولة الرئيس

01 أيلول/سبتمبر 2019

للمرة الاولى يعترف رئيس وزراء بشكل مباشر وصريح بان لدينا «حيتان» من طبقة الفاسدين، الدكتور الرزاز قال في خطاب له امام اعضاء من غرفة تجارة الاردن ( 25/8) ان « الحكومة تستهدف ملاحقة حوت التهريب»، ولا تستهدف التضييق على ابناء الرمثا، هذه التصريحات جاءت غداة احتجاجات شهدتها المدينة على قرارات حكومية لها علاقة بموضوع معبر جابر الحدودي بين الاردن وسوريا.

قصة حوت التهريب ذكّرتني بقصتين «للحوت» وردتا في القرآن الكريم، الاولى تتعلق بالنبي موسى عليه السلام حين خرج مع خادمه للقاء العبد الصالح الذي طلب الله ان يتعلم منه الحكمة ( قيل ان اسمه الخضر)، حيث نسي هذا الحوت فتسرب الى مياه البحر، بعد ان كان احضره من اجل ان يأكل منه مع غلامه في سفرهما.

اللافت في القصة –هنا- ان فقدان موسى للحوت تزامن مع وعد تلقاه من ربه بثبوت لحظة ملاقاته للعبد الصالح، وبالتالي فان صدمة الافتقاد كانت مؤذنة باقتراب حصول الوعد باللقاء الذي افحم فيه الخضر النبي موسى في مواضيع الغيب والعلم والقدر.

اما القصة الاخرى فقد ارتبطت بالنبي يونس عليه السلام، حيث خرج مغاضبا لقومه من «نينوى» وركب البحر للابتعاد عنهم، فالتهمه الحوت، ثم لبث في بطنه اياما طويله ( قيل اربعين يوما)، حتى نادى ربه « في الظلمات» : ( ان لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين)، فاستجاب الله له واخرجه من بطن الحوت.

وظيفة «الحوتين» في القصتين توزعت بين الابتعاد والتسرب والهروب وبين الابتلاع والالتهام، اما النتيجة فتراوحت بين حوت تسسل الى البحر على غفلة من عين الرقيب فتسبب بصدمة لغلام موسى، دفع النبي الى تعديل النتيجة لصالحه (ذلك ما كنا نبغي)، وبين حوت التهم النبي يونس لظلم ارتكبه، ثم تدخلت القدرة الالهية فانقذته ليعدل مسار الدعوة التي اختير من اجل القيام بها .

اعرف انه لا علاقة «لحوت» التهريب بشكل مباشر بالقصتين، فهما اولا تتعلقان بنبيين كريمين، كما انهما ثانيا من جنس الحيوان المائي، وثالثا مرتبطتان بمعجزات لا تخضع للقوانين البشرية، ورابعا جاءتا في سياق ديني لا علاقة له بالسياسة بمفهومها المعاصر.
لكن هذ لا يمنع ان الحوت الذي يبحث عنه رئيس الحكومة، يبدو اخطر من الحوتين السابقين، فهو من طبقة البشر، وما فعله يستهدف البشر ايضا بالاذى المتعمد، ثم ان قصة «تسربه» وهروبه مرتبطة بالدولة والمجتمع وما تمتلكانه من قوة للقبض عليه، كما ان ما ابتلعه من اموال عامة، وما مارسه من فساد، شكل ظلما لكل فرد في المجتمع وخسارة لموازنة الدولة ايضا .

اتمنى من كل مواطن حريص على بلده ان يساعد رئيس الوزراء والحكومة بأية معلومة لالقاء القبض على هذا الحوت وغيرها من الحيتان « الداشرة» التي التهمت اموالنا واعمارنا، ثم اختفت وتوارت عن الانظار، لكن اخشى ما اخشاه ان لا نفعل ذلك فتبقى هذه الحيتان تتسرب الى بحار الفساد دون ان نتمكن من اخراج مجتمعنا من «بطونها « التي لا تمتلئ ولا تشبع.

بقى لدي رجاء : يا دولة الرئيس حوت التهريب وغيره من حيتان الفساد اخطر من حوت موسى ويونس عليهما السلام ..فالحذر الحذر.(الدستور)