69

 الامان

 

136397 Corporate banner sizes Artboard 21 970.00x250.00px

00000000000000066

 

المشكلة في «الناس» أيضًا

21 تموز/يوليو 2019


مشكلتنا مع الحكومات مهما كانت اخطاؤها اهون بكثير من مشكلتنا مع المجتمعات « وسلطاتها» المتعددة ، يمكن ان ننتقد الحكومات وان نعارض سياساتها لكن ماذا لو اخطأت المجتمعات او ضعفت وتراجعت؟ ماذا لو انحدرت في سلوكياتها واخلاقها، ماذا لو تحول «نخبها» الى موظفين او متفرجين، ماذا لو استخدمت «سلطتها» الاجتماعية او الدينية ضد من ينتقدها ، هل يمكن ان نطالب بترحيل المجتمعات واستبدالها، هل تجدي الانتقادات في اصلاحها، هل تستطيع السياسة -وحدها - ان تصوّب مسارها، ام ان المشكلة اكبر مما نتصور واخطر..؟
اعتقد اننا لم نملك الشجاعة -بعد - للاعتراف بان الامراض التي تعاني منها مجتمعاتنا استفحلت واوشكت ان تصبح مزمنة ، وبأننا نعاني من تحولات قيمية وانكسارات اخلاقية ، لم تفلح الحلول السياسية والاقتصادية المطروحة ، ولا حتى الدينية في مواجهتها ، واذا كانت صناديق الانتخابات مثلا تكشف لنا احيانا جوانب «مفزعة» منها ، فان ذلك لا يعني انها اعراض طارئة او متعلقة «بموسم» تشتبك فيه اصوات الناس في الصناديق وفي الحسابات فقط ، فهي موجودة ومتغلغلة في دواخلنا ، والانتخابات او غيرها من المواسم ليست اكثر من دالات «كاشفة» عليها ، تضيئها وتخرجها الى السطح ، او تفتح «قروحها» فتسيل وتفرز ما نراه ونسمع عنه
فيما مضى كنا نسأل: كيف سقطت حكومات في امتحان «النزاهة» مثلا ..؟ اما الآن فقد صار بوسعنا ان نتساءل بمرارة: كيف سقطت مجتمعاتنا في امتحان الاخلاق بما تضمنه من اسئلة «النزاهة» والنظافة والاخلاص في العمل والاحساس بالرحمة والعفو والاعتراف بالخطأ وصولا الى «الاقتراع» الحر والارادة الحرة والتنافس البعيد عن العصبيات والمصالح الضيقة؟ هل المشكلة في «الناس» ام في بعض النخب والموظفين ، في «القانون» والمراسيم ام في «التقاليد» والمفاهيم ، في النفوس ام في الفلوس ، في المناخات العامة التي افرزت هذه الاشكاليات ام في المقررات التي سمحت بها وغضت الطرف احيانا عنها؟
ابسط ما يمكن ان نفعله هو ان نتوجه الى الحكومات بالنقد والى السياسات بالادانة والرفض ، لكن المشكلة -كما اعتقد - اعمق من ذلك ، فالمجتمعات مسؤولة -ايضا - عن هذا التدهور الذي اصابنا ،مؤسساتنا الدينية -تحديدا - تتحمل جزءا من مهمة معالجة امراضنا ، ومراصدنا الاجتماعية التي استقالت من وظيفتها ه المعنية بالبحث عن اسباب ازماتنا السلوكية.. واذا كانت حكوماتنا قد اخطأت احيانا او اخطأ بعض موظفيها ، فان مجتمعنا بما يشتمل عليه من نخب واحزاب وقوى سياسية واجتماعية وحتى مواطنين بسطاء شريك مع الحكومات في هذه الاخطاء ايضا
لا تسألني: كيف؟ او لماذا؟ او اين تكمن «المشكلة؟ ولا تقل ان ما يطفو على المجتمع من افرازات هو نتاج افعال السياسة او حصاد خيبات الاقتصاد.. اعتقد ان المسألة تحتاج الى ابعد مما يمكن ان تختزله هذه التساؤلات او ما يطرح على هامشها من اجابات

 

حسين الرواشدة